حديث رقم - من كتاب تهذيب الآثار للطبري - مسند عمر بن الخطاب

نص الحديث

1063 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، قَالَ : أُتِيَ إِبْرَاهِيمُ يَوْمَ عَرَفَةَ ، قَالَ : أَحْسِبُهُ بِمَاءٍ فَشَرِبَ . قَالَ : فَكَانَ إِذَا قِيلَ : تَكْرَهُ صَوْمَ هَذَا الْيَوْمِ ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ ؟ قَالَ : لَا . قِيلَ : فَيُصَامُ ؟ قَالَ : مَنْ شَاءَ صَامَ وَإِذْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي صَوْمِهِ الِاخْتِلَافَ الَّذِي ذَكَرْنَا ، وَلَمْ يَكُنْ بِالنَّهْيِ عَنْ صَوْمِهِ بِغَيْرِ عَرَفَةَ خَبَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَابِتٌ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا ، وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَصَفَ الصَّائِمِينَ فِي كِتَابِهِ بِمَا وَصَفَهُمْ بِهِ فِيهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : { وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } ، حَاثًّا لَهُمْ بِذَلِكَ عَلَى الصَّوْمِ ؛ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَقْضِيَ لِكُلِّ صَائِمٍ مُتَقَرِّبٍ بِصَوْمِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ - إِذْ كَانَ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا - أَنَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ، إِلَّا صَائِمًا صَوْمًا مُتَقَرِّبًا بِصَوْمِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، أَخْرَجَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ أَعَدَّ لَهُ الْمَغْفِرَةَ وَالْأَجْرَ الْعَظِيمَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، إِمَّا فِي كِتَابِهِ ، أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمَّا صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ . فَإِنَّ الْأَخْبَارَ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَتَابِعَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ يَصُومُهُ وَيَحُثُّ عَلَى صَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ شَهْرُ رَمَضَانَ . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي حُكْمِ صَوْمِهِ الْيَوْمَ ، هَلْ هُوَ فِي فَضْلِهِ وَعِظَمِ ثَوَابِهِ عَلَى مِثْلِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ ، أَمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِخِلَافِهِ يَوْمَئِذٍ ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : كَانَ ذَلِكَ يَوْمًا يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ صَامَهُ الْمُسْلِمُونَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَلَمَّا فُرِضَ صَوْمُ رَمَضَانَ تُرِكَ صَوْمُهُ ، فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ ذَلِكَ يَوْمًا تَصُومُهُ الْيَهُودُ ؛ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنْ نَجَّى اللَّهُ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ ، وَقَطَعَ بِهِ وَبِهِمُ الْبَحْرَ ، وَأَغْرَقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ ، فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ ، فَلَمَّا نَزَلَ فَرْضُ صَوْمِهِ لَمْ يَأْمُرْ بِصَوْمِهِ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ ، فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ ، وَيَحُثُّ عَلَى صَوْمِهِ أُمَّتَهُ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ . وَنَحْنُ مُبَيِّنُو الصَّوَابِ لَدَيْنَا مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ ، بَعْدَ ذِكْرِنَا الْأَخْبَارَ الْمَرْوِيَّةَ عَنْ قَائِلِي الْأَقْوَالِ الَّتِي وَصَفْنَا ، وَبَعْدَ بَيَانِنَا مَا يَحْتَمِلُهُ كُلُّ قَوْلٍ مِنَ الْعِلَّةِ الْمُؤَيِّدَتِهِ *

اختر أحد أحاديث التخريج لعرضه هنا

اختر طريقة التخريج المناسبة لك :